مرحبا بكم

إدماج تكنولوجيا المعلومات والإتصالات بالتعليم بالمغرب: نحو رؤية نقدية ـ3

محــــور التكوينــــــــــات
                        ذ. نورالدين مشاط

         للتكوين أهمية بالغة في مشروع جيني، ذلك أن تطوير ممارسة المدرس في فصله لإدماج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وفي ظل ما كان سائدا، احتاج إلى بذل مجهودات جبارة ولا يزال. وقد اعتمدت المديرية (مديرية جيني التي استحدثت لهذا الغرض) التكوين الهرمي الذي يأخذ شكل شلال (Cascade) نازل من الأعلى، واستعانت بخبرات دولية حيث وقعت شراكة مع شركة أنتل ( Intel) لتكوين 6000 مدرس ضمن برنامجها (أنتل التعليم للمستقبل)  والذي سنفصل فيه لاحقا. اعتمدت المديرية تكوين مكونين رئيسيين بمدينة الرباط بمعدل أربعة على صعيد كل جهة، ليتولوا هم التكوينات الجهوية وذلك بتكوين  مدرسين (2) على صعيد كل مؤسسة تتوفر على قاعة جيني وليقوم هؤلاء فيما بعد بمضاعفة العدد وذلك بنقل التكوين إلى داخل مؤسساتهم ليصل العدد في النهاية إلى 230000 مستفيد من برنامج "أساسيات الحاسب" و18000 مستفيد من برنامج "الاستخدامات البيداغوجية لتكنلوجيا المعلومات والاتصالات (TIC)" و700 بالنسبة للصيانة[1].  كان التدريب في مجمله راقيا لأنه اعتمد العمل بالمشروع، كما كان جله عبارة عن ورشات مما أضفى عليه صبغة عملية.
1ـ  إطلالة على برنامج "إنتل التعليم للمستقبل" أو تكوينات برنامج جيني (1)

           يعتبر برنامج إنتل التعليم للمستقبل من البرامج العالمية التي خطتها شركة أنتل، وقد طورتها كفاءات عالية من معهد تقنية الحاسوب[2] (ICT) وجامعة كاليفورنيا وشركة هيولت باكارد (Hewlett-Packard) وجامعة سونوما وشركة مايكروسوفت.
           اعتمد التدريب طريقة "السيناريو الإبداعي" أي أنه يعلم المدرس خطوة خطوة طريقة إنجاز حقيبة بيداغوجية متكاملة لتقديم وحدة معينة للمتعلمين. فهو يتعلم الخطوات والتنظيم وربط الملفات، ويسطر عمله وعمل المتعلمين في خطة الوحدة (Unit plan). كما أنه سيشغل مخيلته لكي يتصور عمل التلميذ (فهو يلبس في هذه الحالة قبعة التلميذ) وبعد ذلك يقدم عمل الأستاذ من خلال منظوره. إنه عمل يغوص في العملية التعليمية التعلمية ليرسم أدوار المدرس والمتعلم وليمرن المدرس على تخيل إستراتيجيات التعلم عند التلميذ..!
            خلال هذا كله سيتدرب المدرس على البحث عبر الويب مستعملا المنطق البولي والاختيارات المتقدمة اللذان تحدثنا عنهما سلفا، ويتعرف على الاستعمال الخلاق للبرامج التالية: برنامج العروض التقديمية (Powerpoint)، الوورد (Word)، الإكسل (Excel) والناشر المكتبي (Publisher)، كما سيتعرف على حقوق الطبع والنشر واحترام الملكية الفكرية. وسيخرج في الأخير بحقيبة إلكترونية تضم ما يلي:
o       عرض تقديمي (Presentation) لكل من المتعلم والمدرس،
o       مطوية (Brochure) لكل من المتعلم والمدرس،
o       موقع ويب لكل من المتعلم والمدرس منجز ومسكن،
o       خطة للوحدة مضبوطة المراحل ومسطرة الأهداف ومحددة الوسائل،
o       توقيت زمني دقيق لمراحل الإنجاز.

2ـ نحو استراتيجية جديدة
                  بعد تكوين المكونين الرئيسيين لزملائهم المحليين والذين كان على عاتقهم تكوين زملائهم بالمؤسسة التي يعملون بها، لم يستطع هؤلاء القيام بالمهمة المنوطة بهم وذلك لعدة حيثيات منها ما يلي:
o       الزمن: متى سيبرمج هذا المكون الحصص التدريبية؟ فخارج وقت العمل الرسمي لن يوافق عليه إلا ثلة قليلة، وداخل الوقت الرسمي سيضيع التلاميذ. وهو ما تشير إليه دراسات أجريت في هذا الصدد، نشير منها إلى دراسة استكشافية عن "واقع أجرأة محاور برنامج جيني بالمؤسسات التعليمية" قام بها طلبة مركز التوجيه والتخطيط ـ سلك مستشاري التخطيط برسم سنة 2009 ـ 2010، حيث نجد سؤالا ضمن ما وجه إلى السادة المديرين من أسئلة يخص سبب عدم إجراء دورات تكوين جيني بالمؤسسات التعليمية (التكوين بالأثر المضاعف). فكانت الأجوبة[3] كما يلي:
أسباب عدم إجراء دورات التكوين الخاصة بالمؤسسة
العدد
النسبة
عدم إلزامية التكوين
6
15,38%
العامل الزمني
7
17,95%
عدم وجود مكون متفرغ لتأطير عملية التكوين
13
33,33%
عدم رغبة الأساتذة في التكوين
6
15,38%
عدم التزام الأساتذة بالتكوين خارج أوقات العمل
7
17,95%
المجموع
39
100%

وبالنظر إلى طبيعة الأسئلة الموجهة، سنجد أن العامل الزمني، وعدم وجود المكون المتفرغ، وعدم التزام الأساتذة بالتكوين خارج أوقات العمل، كلها تصب في بوثقة واحدة هي مشكلة الزمن التي تعتبر حجر عثرة رئيسية في تفعيل برنامج عملاق وطموح كبرنامج جيني.
o       التحفيز: كان من المقرر أن يقوم هؤلاء المكونون بالعمل تطوعيا في البدء، وهو ما أثار احتجاجات وتلكؤات، وصدرت هنا وهناك اجتهادات لذر الرماد في العيون فما لبثت أن خبت. ذلك أن المكونين الرئيسيين هم أنفسهم عاشوا الإحباط جراء عدم الوفاء بعدة وعود قدمت..!
o       تعدد المستويات: حينما تتعامل مع برنامج كأنتل التعليم للمستقبل، فأنت تتعامل مع برنامج يتطلب معرفة أولية بالحاسوب بالإضافة إلى التطبيقات التي تعد أساسية في التدريب كالوورد والباوربوينت والإكسل. لكن أن تدرب من خلاله مدرسا لم يلمس أبدا الفأرة، فهذا سيسبب لكل من المدرب والمتدرب إحراجا كبيرا وهو ما سيؤدي إلى اجتهادات لتكييف البرنامج بصيغ قد تفرغه من محتواه. هذا الخلل هو نتاج مشكلة حقيقية في التدقيق في مواصفات المتدربين وترد أسبابه إلى عدم معرفة المديرين بالبرنامج ومقتضياته في المقام الأول. كما أن البرمجة كانت تقتضي أن يصنَّف المدرسون أولا قصد تفييئهم إلى فئة أولى  ستخضع للتدريب الأساسي (أساسيات في التعامل مع الحاسوب)، وفئة ثانية  ستخضع للتدريب على برنامج إنتل التعليم للمستقبل.

ولقد قدمت الدراسة التي قامت بها الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات (ANRT) مسحا لما عليه الساحة[4]، فالعديد من القاعات المتعددة الوسائط مغلقة ومردودية البرنامج على التلميذ ضعيفة..! وخلصت الدراسة إلى أن العائق الأساسي يتمثل في قوة المقاومة للتغيير كنتيجة لضعف التحسيس. فالمديرون لم يشركوا في الأمر وكذا العديد من المفتشين. فالبنسبة لهؤلاء كان برنامج جيني شيئا هولاميا غير واضح المعالم. ومن تم، فهناك العديد ممن أغلقوا القاعات حفاظا على الأجهزة من التلف..! فالأجهزة ثمينة  وبالتالي فهناك خوف من تحمل مسؤولية ضياع أجهزتها أو تلفها..!
3ـ تكوينات برنامج جيني (2)
         خلصت الدراسة إلى ضرورة إشراك كل من المديرين والمفتشين في التدريب وارتأت أن تتكون مجزوءات التدريب التي سطرت تحت اسم جديد: "تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتطوير المهني" من مجزوءة مشتركة يخضع لها الكل ومجزوءات خاصة حسب كل فئة. فاحتياجات المديرين ليست هي احتياجات المدرسين وهكذا. أما الأهداف التي ركز عليها البرنامج فتمثلت فيما يلي:
o       الدفع بالفاعلين التربويين الأساسيين (المفتشون والمديرون والمدرسون) للمشاركة في إقلاعة برنامج جيني كعدة للإدماج الطرائقي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعليم. ويقتضي هذا، في المقام الأول، التحسيس بأهمية (ت.م .إ) والتفكير في الإستراتيجيات التي ستستخدم لضمان إدماجها في القسم وكذا بلورة طرق للتواصل والتنسيق بين مختلف المؤسسات الجهوية والمحلية من أجل أداء أفضل لبرنامج جيني. ويقتضي، من جهة أخرى، تشجيع المبادرات والتنويه بها كما وإرساء ثقافة تشاركية وتعاونية وبروح الفريق من أجل إطلاق مخطط عمل لمقاربة التكوين المستمر.
o       إشراك المدرسين في استعمال (ت.م .إ) والإدماج الطرائقي لها وتطوير مضامينها الرقمية.
o       جعل المديرين في قلب العملية برمتها من خلال إعطائهم دور القيادة التربوية وكذا تأهيلهم للتدبير المحوسب للإدارة. فهم من جهة سيسهرون على رعاية التجديد وتدبير استعمال القاعة ومن جهة أخرى سيطورون التواصل الإداري في حلقاته المختلفة من أجل دعم أكبر للعملية التعليمية التعلمية.
o       تطوير كفايات المفتشين الخاصة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات لاستثمارها في التأطير والتتبع وذلك لضمان النجاعة في الفعل التربوي ولمواكبة الممارسات البيداغوجية الجديدة التي يتطلبها الفصل الدراسي الحديث الذي يرتكز على (ت.م.إ).
         ومع وضع برنامج استعجالي من أجل جودة التعليم، فقد انخرطت مديرية جيني في مشاريعه مجددة في الرؤى والوسائل مستهدفة التقليص من الهدر وإيجاد حلول لعدم الفاعلية في الأداء. كما مددت من عمر برنامج جيني ليمتد حتى سنة 2013 ولتقوم بتدريب 207941 عنصر معتمدة نفس إستراتيجية التكوين وذلك حسب الجدول[5] التالي:
المستفيدون
2009
2010
2011
2012
2013
المجموع
الأساتذة الرسميون
61083
38724
27857
24373
24373
176410
الأساتذة المتدربون
3920
3920
3920
3920
3920
19600
المديرون
2412
1298
1350
2100
2100
9260
المفتشون
2671
ــ
ــ
ــ
ــ
2671
المجموع
70086
43942
33127
30393
30393
207941
جدول(1): عدد المستفيدين من التكوينات في إطار الاستراتيجية الجديدة




[2]  ـ برنامج أنتل التعليم للمستقبل، نسخة المدرب الأساسي 4 ، نظرة عامة 1
[3]  ـ عزيز أختار وآخرون،2009، دراسة استكشافية لواقع أجرأة محاور برنامج (جيني) بالمؤسسات التعليمية، بحث لنيل دبلوم مستشار في التخطيط التربوي تحت إشراف علي اسيعلي، ص 38.
[4]  ـ وزارة التربية الوطنية،  المصوغة الثانية لتكوينات جيني الخاصة بالمدرسين: تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتطوير الأداء المهني، الورشة الثانية: تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والولوج إلى المعلومة، ص.21.
[5] - http://genie.men.gov.ma/Formstrategie.htm

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire