مرحبا بكم

الأقسام المقلوبة





الأقسام المقلوبة

كيف تؤثر الأهداف والوسائل على السيناريو البيداغوجي






ألقى الأستاذ نورالدين مشاط محاضرة حول الأقسام المقلوبة وذلك في ملتقى المرصد المغربي للبحث والتكوين في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، تجدون رابطها على الموقع التالي:



اللوحة الساحرة: إستراتيجيات لخلق المتعة في الأقسام







هي كذلك، ساحرة في مفعولها، مفعمة (بكسر العين) للنشاط ومجددة له، تجعل الأعين تشع بريقا وتطلق شرارتها والأيدي على الزناد لرفع المنتوج.
اخصم خمسا من دقائق التعلم لتستكشف ثغرات التعلم وتعالجها في نفس الوقت وبسرعة وتدعم التعلمات. والأمثلة التي سأقدمها لا تعد إلا سيناريوهات يمكن للمدرس أن يضيف إليها ما يشاء. فما عليه إلا أن يطلق العنان لمخيلته ليبدع الحلول والأنشطة.. فالأهداف المتوخاة هنا هي:
ربط المنطوق بالمكتوب
ومعرفة ما يدور في العلبة السوداء من عقل المتعلم


أمثلة:
المثال 1
على الجهة الأولى من اللوحة يكتب المتعلم: إسم وعلى الجهة الأخرى فعل.
يطلب منهم المدرس أن يرفعوا الألواح عند التصفيق
يقدم لهم كلمات (أسماء / أفعال) وهكذا، مع توجيه النقاش عند الخطأ ليحدد المتعلم لماذا اختار ما اختاره ويعمم النقاش ويخرج بخلاصات،
وبنفس الطريقة (صحيح / معتل)، (مجرد/ مزيد)، (مفعول به/ حال)، (نعت/ حال)..
المثال 2
بالنسبة للتحكم في الحروف المتشابهة
على الجهة الأولى من اللوحة يكتب المتعلم: (ش) وعلى الجهة الأخرى (س).
يطلب منهم المدرس أن يرفعوا الألواح عند التصفيق
يقدم لهم كلمات شفهيا بها أحد الحروف (سمع، شمعة، سرير، سمكة، شعر..)، فيرفع المتعلمون الجهة المناسبة.
وكذلك بالنسبة للحروف (د/ذ)، (س/ص)، (ر/ ز)، (ف، ق)، (ح/ خ)، (ج/ خ)..
المثال 3
أنا أعطيك كلمة، أنت تقدم: ضدها، مرادفها، مكان تواجدها..
المثال 4
التاء المربوطة من جهة، والتاء المبسوطة من جهة أخرى،
ويقدم المدرس الكلمات (مكنسة/ سيارات..)، وينطلق صرير الألواح. 

كما أن المدرس، وهو يقدم هذه الإستراتيجيات، سيرمق متعلميه وهم يخطون مخطوطاتهم، كتاباتهم، فيرى بأم عينيه، مسارات الكتابة وأخطاءها، من أين يبتدئون وكيف يكتبون، ويعالج الإملاء كما يعالج المنطلقات والنهايات.
ويبقى للوحة سحرها، ولكم جميل خلق تفاعل ومتعة في أداء متعلميكم
دمتم متألقين

مفهوم التكنولوجيات التربوية

مفهوم التكنولوجيات التربوية
  ذ. نورالدين مشاط

          يطرح استخدام التكنولوجيات في ميدان التربية مشكلة من حيث المصطلح. فهناك مصطلحات من قبيل "تكنولوجيا الإعلام والاتصال في التعليم"، و"تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعليم" و"تكنولوجيا التعليم" و"تكنولوجيا التعلم". ارتأينا من خلال نظرة تأملية في ما تحيل عليه أو توحي به  من ممارسات أنها لا تحيط  بأهداف توظيف تلك التكنولوجيات في الممارسة الصفية، وبالتالي تبقى قاصرة على توصيفها. فنحن لا نستخدم التكنولوجيات من أجل التعلم فقط، ولا من أجل التعليم، ولكننا نستعملها من أجل غاية أعمق تضم الحقلين معا وأكثر ألا وهو حقل التربية بأبعاده المختلفة التي نغير بها ممارساتنا وتوجهاتنا ونرتقي بالأداء ونؤثر ونتأثر وهلمجرا. وباعتمادنا مصطلح "التكنولوجيات التربوية" سنتجاوز الاقتصار على حقل أو ممارسة واحدة من ممارساتنا التربوية (تعليم ـ تعلم ..) ليمتد إلى كل الميدان التربوي . هذا من جهة ومن جهة أخرى فإننا سنجعل المفهوم محصورا في التكنولوجيات الموظفة في الحقل التربوي مستثنين عددا كبيرا من الوسائل والأدوات والممارسات التي تدخل في وظائف وقطاعات أخرى غير التربية.
          وانطلاقا من تعريفات لهذا المصطلح بمواقع عديدة (1) وبلغات مختلفة واستنادا إلى ما توحي به الاستخدامات المختلفة للتكنولوجيات التربوية فإننا نعرفها كما يلي:
"التكنولوجيات التربوية (Les technologies éducatives ) هي كل الممارسات التي تروم تسهيل التعلم وتجويده وتوسيع فضاءاته (الفضاءات المادية والافتراضية (virtuelle))  وتحسين أداء الفاعلين التربويين باعتماد الموارد التكنولوجية (Ressources technologiques) المختلفة".

(1) ـ نذكر من تلك المواقع ما يلي:



                   

مفهوم الهدر المدرسي

مفهوم الهدر المدرسي
ذ. نورالدين مشاط
                       

هناك تضارب كبير حول تحديد مفهوم “الهدر المدرسي” يفضي إلى الخلط بينه وباقي عائلته من المصطلحات: التسرب، الفشل، التأخر، والانقطاع الدراسي وما إلى ذلك من مصطلحات قد تولد لتغطي جانبا من جوانب النتائج السلبية على مستوى تحقيق غايات المدرسة.
ولتدقيق المفهوم يمكننا مقاربته من زاوية فهم ما تحيل إليه كلمة الهدر من إضاعة. ومن ثم نقول: “الهدر المدرسي هو ضياع الإمكانات المادية (الوسائل) والمعنوية (الجهد والزمن) دون بلوغ الأهداف المرجوة في الأوقات المحددة وبالجودة المرغوبة
ومن هنا فالهدر المدرسي يضع تحت عباءته كل المصطلحات الأخرى كجزء منه لا كمقابل. فإذا كان هناك فشل أو تسرب أو تأخر أو تعثر أو انقطاع مدرسي فهناك هدر لا محالة.

أدب الدعاء في الهدي النبوي

منقول للفائدة: عن إسلام ويب


أمرنا الله عز وجل بالدعاء ووعدنا بالإجابة ، ثم عقب بقوله ـ عز وجل ـ : { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ }(غافر :60) .. وعن أبى هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال : ( من لم يسأل الله يغضب عليه )(الترمذي) ..
                  لا تسألنَّ بُنيَّ آدم حاجة       وسلِ الذي أبوابه لا تُحجبُ
                 الله يغضب إن تركتَ سؤاله    وإذا سألتَ بُنيَّ آدم يغضبُ

ولما كان الداعي يناجي ربه ـ ملك الملوك ، المعطي المانع ، الرحمن الرحيم { غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ }(غافر :3 ) ـ كان لزاما عليه أن يتأدب بآداب ليكون دعاؤه أقرب للقبول ، فبحسن الأدب يُلبَّى الطلب ، وبتتبع أقوال وهدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يظهر لنا الكثير من آداب الدعاء ، ومنها :

الوضوء :

عن أبي موسى ـ رضي الله عنه ـ قال : ( دعا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بماء فتوضأ به ثم رفع يديه فقال : اللهم اغفر لعبيد أبي عامر ، ورأيت بياض إبطيه فقال : اللهم اجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك من الناس )(البخاري) .  قال الحافظ : " يستفاد من الحديث استحباب التطهر لإرادة الدعاء " .

استقبال القبلة :
ورد في استقبال القبلة في الدعاء من فعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أحاديث كثيرة منها : عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ قال : ( لما كان يوم بدر نظر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلا ، فاستقبل رسول الله القبلة ثم مد يديه فجعل يهتف بربه يقول : اللهم أنجز لي ما وعدتني ، اللهم آت ما وعدتني .. )(البخاري) .

وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : ( جاء الطفيل بن عمرو الدوسي إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال : إن دوسا قد عصت وأبت فادع الله عليهم ، فاستقبل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ القبلة ورفع يديه فقال : الناس هلكوا ، فقال : اللهم اهد دوسا وائت بهم ، اللهم اهد دوسا وائت بهم )(أحمد) .

وقد ورد من فعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما يدل على جواز عدم التوجه إلى القبلة في الدعاء ، ولهذا قال القرطبي : " .. والدعاء حسن كيفما تيسر وهو المطلوب من الإنسان لإظهار وضع الفقر والحاجة إلى الله ـ عز وجل ـ ، والتذلل له والخضوع ، فإن شاء استقبل القبلة ورفع يديه فحسن ، وإن شاء فلا ، فقد فعل ذلك النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حسبما ورد في الأحاديث .." .

رفع اليدين :
عن سلمان الفارسي ـ رضي الله عنه ـ قال : ( إن ربكم حيي كريم ، يستحي من عبده أن يرفع إليه يديه فيردهما صفرا ) (ابن ماجه) ..

الخشوع والتذلل وخفض الصوت :

عن هشام بن عروة ـ رضي الله عنه ـ قال : أخبرني أبي عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ في قوله عز وجل : { وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا }(الإسراء: من الآية110) ، نزلت في الدعاء )(النسائي) .

وعن أبى موسى ـ رضي الله عنه ـ قال : كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر ، فجعل الناس يجهرون بالتكبير ، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( أيها الناس أربعوا على أنفسكم ، إنكم ليس تدعون أصمّ ولا غائبا ، إنكم تدعون سميعا قريبا وهو معكم )(مسلم).
قال النووي : " ( اربعوا ) .. معناه : ارفقوا بأنفسكم واخفضوا أصواتكم ، فإن رفع الصوت إنما يفعله الإنسان لبعد من يخاطبه ليسمعه ، وأنتم تدعون الله تعالى وليس هو بأصم ولا غائب ، بل هو سميع قريب ، وهو معكم بالعلم والإحاطة .. ففيه الندب إلى خفض الصوت بالذكر إذا لم تدع حاجة إلى رفعه ، فإنه إذا خفضه كان أبلغ في توقيره وتعظيمه .." .
وهناك مواضع يجهر فيها بالدعاء : كالدعاء في خطبة الجمعة ، وفي الاستسقاء ، وفي القنوت وغير ذلك من المواضع التي يناسبها الجهر .

البدء بحمد الله والثناء عليه ، والصلاة على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ :

عن فضالة بن عبيد ـ رضي الله عنه ـ قال : ( سمع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ رجلا يدعو في الصلاة ولم يذكر الله ـ عز وجل ـ ولم يصل على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : عَجِل هذا ، ثم دعاه فقال له ولغيره : إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه ، ثم ليصلِّ على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ثم ليدع بعد بما شاء ..)(أحمد) .

وعن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال : ( كنت أصلي ، والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأبو بكر وعمر معه ، فلما جلست بدأت بالثناء على الله ، ثم الصلاة على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ثم دعوت لنفسي ، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : سل تعطه ، سل تعطه )(الترمذي) .

ومن ثم كان عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ يقول : " إذا أراد أحدُكم أن يسألَ ربَّه فليبدأ بالمدحة والثناء على الله بما هو أهلُه ، ثم ليصلِّ على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ثم يدعو بعدُ فإنه أجدر أن ينجح " .

التوسل بأسماء الله وصفاته :
يقول القرطبي : " .. وأصل الوسيلة : هي التي يتوسل بها إلى تحصيل المطلوب .." .. وهي في الشرع : ما يُتقرب به إلى الله تعالى بما شرع من الواجبات والمستحبات ..

وكان من هدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في دعائه التوسل بأسماء الله تعالى وصفاته ، فعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال : ( كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا كربه أمر قال : يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث )(الترمذي) .

وعن ربيعة بن عامر ـ رضي الله عنه ـ قال : سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول : ( ألظوا بياذا الجلال والإكرام )(أحمد) .. ومعنى ( ألِظُّوا ) : أي الزموا هذه الدعوة وأكثروا منها .

وبوب البخاري في صحيحه بابا سماه : ( باب السؤال بأسماء الله والاستعاذة بها ) ، وذكر فيه تسعة أحاديث كلها في التبرك بالله والسؤال به والاستعاذة .

الإلحاح في الدعاء وتكراره مع اليقين بالاستجابة :

عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال في حديثه الطويل عن دعاء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على قريش : ( . وكان إذا دعا دعا ثلاثا ، وإذا سأل سأل ثلاثا .)(مسلم) .

قال ابن القيم : " ومن أنفع الأدوية الإلحاح في الدعاء ، وقد روى ابن ماجه في سننه من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( من لم يسأل الله يغضب عليه ) . ولذلك كان أبو الدرداء ـ رضي الله عنه ـ يقول : " من يكثر قرع الباب يوشك أن يفتح له ، ومن يكثر الدعاء يوشك أن يستجاب له " .

وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة ، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه )(الترمذي) .

وعن أبى هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( لا يقولن أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت ، اللهم ارحمني إن شئت ، ولكن ليعزم المسألة ، وليعظم الرغبة فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه )(مسلم) .

يبدأ الداعي بنفسه في الدعاء :

إذا أراد الداعي أن يدعو لأحد فليبدأ بنفسه ثم يدعو لغيره ، فعن أبى بن كعب ـ رضي الله عنه ـ قال : ( كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا دعا بدأ بنفسه )(أبو داود) .

لا يُضَّيِّق في دعائه :

عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : ( قام رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في صلاة وقمنا معه ، فقال أعرابي وهو في الصلاة : اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا ، فلما سلم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال للأعرابي : لقد حجرت واسعا ) ـ يريد رحمة الله ـ )(البخاري) ، فرحمة الله قد وسعت كل شيء ، قال ـ عز وجلـ : { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ }(الأعراف: من الآية156) .

قال ابن حجر : "  قال ابن بطال : أنكر ـ صلى الله عليه وسلم ـ على الأعرابي لكونه بخل برحمة الله على خلقه ، وقد أثنى الله تعالى على المؤمنين بقوله: { وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ }(الحشر: من الآية10) " .

عدم الاستعجال أو الدعاء بإثم أو قطيعة رحم :

عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( لا تدعوا على أنفسكم ، ولا تدعوا على أولادكم ، ولا تدعوا على خدمكم ، ولا تدعوا على أموالكم ، لا توافقوا من الله تبارك وتعالى ساعة نيل فيها عطاء فيستجيب لكم )(أبو داود) .

وعن أبى هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال : ( لا يزال يُسْتجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل ، قيل يا رسول الله : ما الاستعجال ؟ ، قال : يقول قد دعوتُ وقد دعوت فلم أر يستجيب لي ، فيستحسر عند ذلك ويَدَع الدعاء )(مسلم) .
قال ابن بطال : " المعنى أنه يسأم فيترك الدعاء فيكون كالمآن بدعائه ، أو أنه أتى من الدعاء ما يستحق به الإجابة".

الدعاء في الرخاء :

من وصية النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لعبد الله بن عباس ـ رضي الله عنه ـ : ( تعَّرَّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة )(أبو داود) .

وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد والكرب فليكثر الدعاء في الرخاء )(الترمذي) .

قال ابن رجب : "  وقال سلمان الفارسي ـ رضي الله عنه ـ : إذا كان الرجل دعا في السر فنزلت به ضراء فدعا الله ـ تعالى ـ قالت الملائكة : صوت معروف فشفعوا له ، وقال رجل لأبي الدرداء ـ رضي الله عنه ـ : أوصني ، فقال : اذكر الله في السراء يذكرك في الضراء ، فإن العبد إذا ذكر في السراء فنزلت به ضراء فدعا الله ـ عز وجل ـ قالت الملائكة : صوت معروف فشفعوا له " .

الدعاء بالمأثور :
لا أحسن مما ورد في الكتاب والسنة الصحيحة ، فإن الأدعية القرآنية والأدعية النبوية أولى ما يُدْعى به ، لأنها شاملة للخير كله ، في أفضل العبارات وأجمعها ، ولأن الغلط يعرض في الأدعية التي يختارها الناس .
قال ابن تيمية : " .. وينبغي للخَلق أن يدعوا بالأدعية المشروعة التي جاء بها الكتاب والسنة ، فإنَّ ذلك لا ريب في فضله وحسنه ، وأنَّه الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، وحسُن أولئك رفيقا " .

فائدة :

يقول ابن القيم : " وإذا اجتمع مع الدعاء حضور القلب وجمعيته بكليته على المطلوب ، وصادف وقتا من أوقات الإجابة الستة وهي : الثلث الأخير من الليل ، وعند الأذان ، وبين الأذان والإقامة ، وأدبار الصلوات المكتوبات ، وعند صعود الإمام يوم الجمعة على المنبر حتى تقضى الصلاة ، وآخر ساعة بعد العصر من ذلك اليوم ، وصادف خشوعا في القلب ، وانكسارا بين يدي الرب وذلاً له وتضرعا ، ورقة ، واستقبل الداعي القبلة ، وكان على طهارة، ورفع يديه إلى الله تعالى وبدأ بحمد الله والثناء عليه ، ثم ثنَّى بالصلاة على محمد عبده ، ثم قدم بين يدي حاجته التوبة والاستغفار ، ثم دخل على الله وألح عليه في المسألة ، وتملقه ودعاه رغبة ورهبة ، وتوسل إليه بأسمائه وصفاته وتوحيده ، وقدم بين يدي دعائه صدقة ، فان هذا الدعاء لا يكاد يرد أبدا ، ولا سيما إن صادف الأدعية التي أخبر النبي أنها مظنة الإجابة أو أنها متضمنة للإسم الأعظم " .

وإذا اشتمل الدعاء على هذه الآداب ولم تر أثراً للإجابة فاعلم أن الله صرف عنك من السوء ما هو أنفع لك ، أو ادَّخر لك في الآخرة ما تكون أحوج إليه ، فقد روى البخاري في الأدب المفرد عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ : أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : ( ما مِن مؤمن ينصب وجهه لله يسأله مسألة إلا أعطاه إياها : إما عجلها له في الدنيا ، وإما أخرها له في الآخرة ما لم يعجل يقول : قد دعوتُ و دعوت فلا أراه يستجاب لي ) .

بصائر القرآن3: الأبعاد النفسيـة

بصائر القرآن3: الأبعاد النفسيـة
من زمهرير الارتكاس إلى عرصات الأنس بالله
(الجزء الأول)
                                                         ذ. نورالدين مشاط


"ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها" (سورة الشمس)
وهو قسم عظيم .. قسم بالنفس وما تحبل به من أهواء وأشواق..
وما تخطه في مساراتها من هبوط نحو الدركات أو تحليقات نورانية إلى عنان السماوات..
فمعاركها سجال بين حبال السيئات التي تجر إلى الأعماق، ودوامات الخطايا التي تشكل التيه بظلماته الحالكة وضمأ هواجره الذي لا تطفئه المياه المالحة وإنما تزيده عطشا..
فالسيئات تغذي بعضها البعض وتستدعي أخرى.. فتلف الحبال الأعناق.. فتضيق النفس وتجحظ العين.. وينتشر اليأس والقنوط..
وبين مسارات الارتكاس حيث الظلمات يركب بعضها بعضا .. تمتد رحمة الله لمن التقط الإشارات.. وقرع الباب .. وحارب اليأس من الارتقاء.. وبدأ رحلة الأنس بالله ..
فبكى بين يديه ندما..
وعزم الإقلاع عشقا للمولى ومضى قـُـدُما..
فيفرح الرحمن به فرحا .. وينتشله من همه انتشالا:
"ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين" (سورة الأنبياء) هكذا قال ليونس عليه السلام
وهكذا يقول لمن استدار إليه.. وبدأ قطع المسافة باتجاهه..
فيبسط له أنوار فضله.. ويلقي عليه من أنسامه.. 

                                             *  *  *  *  *

تلك رحلة لها آلامها وأشواقها، اختزلتها بدء وما هي كذلك..
رحلة تعج بالبحث والتنقيب .. والهدم والبناء..
فهي رحلة كـَـبَـدٍ تبني الإنسان "ولقد خلقنا الإنسان في كبد"
ورحلة كدح بحق لملاقاة الله "يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه"
فاحمل معك أشواقك يا صاح ..
واصحبني .. في رحلة هدفها ..
"ليخرجكم من الظلمات إلى النور"