"ونفس وما
سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها" (سورة
الشمس)
وهو قسم عظيم .. قسم بالنفس وما تحبل به من
أهواء وأشواق..
وما تخطه في مساراتها من هبوط نحو الدركات أو
تحليقات نورانية إلى عنان السماوات..
فمعاركها سجال بين حبال السيئات التي تجر إلى
الأعماق، ودوامات الخطايا التي تشكل التيه بظلماته الحالكة وضمأ هواجره الذي لا تطفئه
المياه المالحة وإنما تزيده عطشا..
فالسيئات تغذي بعضها البعض وتستدعي أخرى..
فتلف الحبال الأعناق.. فتضيق النفس وتجحظ العين.. وينتشر اليأس والقنوط..
وبين مسارات الارتكاس حيث الظلمات يركب بعضها
بعضا .. تمتد رحمة الله لمن التقط الإشارات.. وقرع الباب .. وحارب اليأس من
الارتقاء.. وبدأ رحلة الأنس بالله ..
فبكى بين يديه ندما..
وعزم الإقلاع عشقا للمولى ومضى قـُـدُما..
فيفرح الرحمن به فرحا .. وينتشله من همه
انتشالا:
"ونجيناه
من الغم وكذلك ننجي المؤمنين" (سورة
الأنبياء) هكذا قال ليونس عليه السلام
وهكذا يقول لمن استدار إليه.. وبدأ قطع
المسافة باتجاهه..
فيبسط له أنوار فضله.. ويلقي عليه من
أنسامه..
*****
تلك رحلة لها آلامها وأشواقها، اختزلتها بدء
وما هي كذلك..
رحلة تعج بالبحث والتنقيب .. والهدم
والبناء..
فهي رحلة كـَـبَـدٍ تبني الإنسان "ولقد خلقنا الإنسان في كبد"
ورحلة كدح بحق لملاقاة الله "يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه"
يرتكز
الأداء الصفي على تخطيط الدرس أولا ثم على تنفيذه وتدبير تفاصيله في الحجرة
الدراسية. والتخطيط التربوي أو الهندسة البيداغوجية حقل معرفي فيه الدروس تجد
بعدها النظري والعملي، بما يجعل الدرس خطة تعليمية مدروسة ومضبوطة علميا، وقابلة
للتنفيذ مع المتعلمين.
وتخطيط
الدرس يرتكز على عدة معطيات منها:
1 ـ المستوى الدراسي، وهو مرتكز مهم في التخطيط لأنه يسمح بمعرفة:
·المستوى المستهدف بالدرس من حيث معرفة التلاميذ المستهدفين به سنا،
ومتطلبات هذا السن من أداء معرفي ومهاري وقيمي واجتماعي، ومطالب نفسية وبيولوجية
وفسيولوجية ... ومطالب تعليمية وتربوية من مناخ تعليمي وعلاقات بينية اجتماعية في
الحجرة الدراسية ...
·نوع وكم ودرجة تعقد المتن التعليمي الذي يبرمج في الدرس بناء على
معطيات التلاميذ ومتطلباتهم التربوية والاجتماعية والنفسية ... والأهداف المقررة
...
·المنهجية أو طريقة التدريس حسب معطيات المتعلم السالفة الذكر وحسب
المادة المدرسة والمتن التعليمي المقرر وحسب المعينات البيداغوجية والفضاء
التعليمي ...
·المعينات البيداغوجية المناسبة للمتعلم وللدرس وللأهداف نوعا وكما ...
·زمن التدريس من حيث ارتباطه بإيقاعات التعلم عند التلاميذ، ومن حيث
ارتباطه بالحافزية والحيوية والانغماس المعرفي للمتعلم، واستعداد الأستاذ المهني
...
·فضاء التعليم من حيث المساحة والتجهيز والتهوية والإنارة والمثيرات
البيداغوجية والتنظيم وفق الطريقة والمنهجية المقترحة، ومن حيث ملاءمته أو عدمها
لتقديم الدرس للتلاميذ، والسماح لهم بالحركة أو تكبيلهم ...
تحيط بالطفل اليوم شركات إنتاج تنتج له وتحاول تشكيله ليوافق الإنتاج. تشكله حسب حاجتها هي. وإن لم يتشكل فالأقران الذين خضعوا للتشكيل يباشرون الإغراء للتدجين. عالم خطير بكل المقاييس يحتاج منا إلى رفع درجة التوعية إلى الخط الأحمر. فشركات إنتاج اللباس والموسيقى الخليعة والمومسات (الرقيق الأبيض: للفساد والفجور والزنا) والماخورات والتفنن في تحبيب القمار كلها تتكامل في كارطيل ضخم هدفه ابتلاع الإنسان لتخرج روبوتات تذر لها الأرباح. تخرج الناس من آدميتهم لتصنع منهم بهائم. هذه القيم البائسة إذا أضيفت إليها ما تفعله شركات إنتاج الأغذية والأسلحة والأفلام والمتفننون بخلق الأزمات السياسية من أجل تشريد الناس وتقتيلهم تحتاج منا بناء تكتلات مناهظة تسعى إلى التوعية
"أو لم ير الإنسان أنا خلقناه من
نطفة فإذا هو خصيم مبين" (سورة يس)
من نطفة: من البساطة إلى كيان كامل كله نشاط
يفكر ويناقش ويجادل
من
نطفة حقيرة إلى عرصات التكريم..
فإذا الخصام النتيجة..!
كم أولئك الذين ملأوا الدنيا صياحا: في
المنتديات والصحف وعلى رؤوس الأشهاد.. يجاهرون المولى عز وجل العداء؟!
ماذا حوت عقولهم من معارف الكون الممتد؟ بل
وماذا عرفوا عن أسرارهم أنفسهم؟ عن ذواتهم؟
ألا يستحي الإنسان؟؟ ألا يقف وقفات مع نفسه
ليتدبر ويتأمل؟؟
وينزل من برج الكبر الزائف ليقف عند حقيقة
الضعف المطلق.. والقصور الكامل..!
بحار ممتدة من ظلمات المجهول أمامنا.. كلما
أبصرنا بصيصا من نور المعرفة في جانب من الجوانب إلا وتمدد ما وراءه اتساعا..
وكأننا بنا كلما فتحنا كوة للمعرفة، فتحنا محيطات من العوالم التي تنتظر منا الكشف
عنها.. كشارب لماء مالح لا يزيده إلا عطشا!!
ويتمطط اللسان.. ويعلو العقل دخان نشوة
الإنتصار.. ويكبر الكبر في الصدر فيغمض الإنسان عينيه..!
وينسى حجمه في الكون..
وضآلة معرفته..
وحتى خلقه..!
ألا تقف يا صاح لتتملى..؟
ها هي ذي عينك .. بوابتك إلى العالم..
كم عدد كاميراتها؟ كم عدد خلاياها الموصلة
للمعلومات؟ كيف تركز على مناظر وتعزل أخرى؟ كيف تحفظ نفسها من كمية الضوء النافذة
إلى الجسم عبر البؤبؤ فتكيف حجمه؟ كيف تعمل الأجفان وتتحرك باستمرار وبطريقة آلية
لتنظيف العين؟ كيف تُغذى العين بماء مالح يحفظ لزاجتها وينظفها؟
أسئلة عديدة.. لو تمليناها لوقف شعر الرأس
إجلالا لمن وهب..!
فبالله وتا الله.. لو كان مصدر الضوء الذي
نبصر به يخرج من عيوننا (مثلما
هو شأن مصباح الجيب).. كم هي كمية الضوء والطاقة التي نحتاجها لإبصار
الأماكن البعيدة؟
كيف سنتعامل فيما بيننا حينما نتقابل؟ هل سنضطر
إلى قول: عفوا، قلص كمية الضوء فقد أعميتني.. على غرار ما نفعله عند التقاء
سياراتنا ليلا..؟!
قف يا صاح عند السؤال: "ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين"؟
(سورة البلد)
وكَرِر: ألم يجعل لي عينين؟ تتكاملان وتغدقان علي لذة لا مثيل لها..
كميات هائلة من المعطيات نأخذها برمقة واحدة من العين..!
توقف أخي (أو أختي) .. للحظة
لتتأمل حال الأعمى البائس. ماذا سيستفيد من نزوله بأجمل الحدائق الفيحاء..
والمناظر الإستوائية الغناء.. والشطآن الذهبية وامتدادات المياه الزرقاء..؟؟
ماذا سيستفيد من زوجة حسناء أعجوبة في الجمال..؟؟
ماذا سيستفيد من موائد منمقة وفواكه مختلفة؟؟
ماذا سيستفيد من قصر مشيد.. زينه بأنفس الأثاث؟؟
لو عُرِض عليه.. أن يُؤخَذ ماله كله مقابل عين واحدة بها عمش..
هل سيفعل أم لا؟ ولو وقف أحد أبنائه حائلا بينه وبين ذاك، خوفا من
الفاقة والفقر، ماذا سيكون الجواب؟
وتلكم جولة قصيرة في محطة ضخمة .. تحتاج أياما وأيام..
فكلمات الله لا تكفيها بحارا ممتدة من مداد .. وأشجار العالم أقلام..