مرحبا بكم

نــــور القـــرآن(1): قبـــل البـــدء

نــــور القـــرآن(1): قبـــل البـــدء 

               ذ. نورالدين مشاط
 
القرآن.. عجب
عجب.. تشرئب له الأعناق وتنحني له الأفهام..!
هكذا عبرت الجن عن الإنقلاب النفسي الرهيب الذي أحدثه القرآن في كيانها عند سماعه..!
(إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد  فآمنا به.. (1 ـ 2))[1].
عجب .. ببساطة وعمق، وبكل ما يمكن لهذه الأحرف الثلاثة أن تحمل من معنى يشد الأفق ويتدفق وديانا من نور تملأ الكون ضياء ووهجا وتهدي إلى الرشد والقوامة..!
عجب.. هكذا .. وإذ نتمتم بهذه الكلمة فنحن لا نقول شعرا في هذا القرآن كتعبير عن حب .. ولكننا نقول حقيقة ينطق بها كل حرف من حروفه..حقيقة أنه لا يغسله الماء فيمحه[2]..وإنما هو نور يسري في الكون..يسكن الصدور..فيزكي الإنسان ويرتقي بالروح..فكل كلمة فيه ترسم منحنيات من بؤر النور وأطيافه..
فتغذو الأنوار ألوانا من فيوض الرحمة..

فيخشع أناس ويجلون ويزداد إيمانهم اطرادا..
(إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون (2))[3]
وتذرف مقل آخرين الدمع وتجهش أنفسهم بالبكاء
(وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين ( 83 ))[4]
ويتحرك آخرون لفعل الخير بوحي من الرحمن..
(وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ(73))[5].

عجب لأنه  نور.. إذا سكن القلب شع.. وأنار.. فاخترق نوره العينين لينطلق منهما إبصارا فيحدث بصائرا..وحياء فيحدث ذلا وانكسارا..!
وليمتزج بحركة اللسان فينتقي ويبدع الكلم الطيب..فيشنف المسامع روحا وريحانا.. فتؤوب الطير والجبال وجدا وهياما..
وليخالط السمع فيصبح مرهفا.. شاهدا متدبرا.. ورسولا للجوارح ..رحمة وسكينة .. ودمعا ونحيبا
وليسري في اليدين عطاء وجهادا والرجلين تهجدا وقياما ليلا ونهارا..
وهو روح..
( وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم ( 52))[6]
إذا سرى  في الذات أحياها.. فانطلقت..!
 (أوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (122))[7]
أجل انطلقت منيرة لنفسها وللآخرين الطريق.. تستمد أنوارها من القرآن المنير: (ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير (21))[8]
فهل ينفتح قلبنا لتلقي النور؟؟ وهل يتمدد جسدنا لتلقي نفخة الروح؟؟
فتتبدد الظلمات المخيفة ..وتدب الحياة من جديد .. 

(الفقير إلى عفو الله: نورالدين مشاط )


[1]  ـ سورة الجن.
[2]  ـ أخرج الإمام مسلم في صحيحه:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبة ( ..وأنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء تقرؤه نائما ويقظان)
[3]  ـ سورة الأنفال
[4]  ـ سورة المائدة
[5]  ـ سورة الأنبياء
[6]  ـ  سورة الشورى
[7]  ـ  سورة الأنعام
[8]  ـ سورة لقمان.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire