مرحبا بكم

بستان الأطفال: مدونة تربوية

بستان الأطفال: مدونة تربوية



بين أيديكم مدونة تربوية..
هدفها الأسمى أن ترتقي بأعمال المتعلمين..
لتنتقل من تعبير كتابي ينجزونه في أقسامهم..
إلى صفحات ويب تحتويها مدونة..
فتعانق الأطفال عبر المعمور..
وضعنا لها شعارا:
"من التعبير الكتابي إلى المدونة


 

الطفل والعالم: التهديدات المتراكمة

الطفل والعالم: التهديدات المتراكمة
                                                       ذ نورالدين مشاط

           تحيط بالطفل اليوم شركات إنتاج تنتج له وتحاول تشكيله ليوافق الإنتاج. تشكله حسب حاجتها هي. وإن لم يتشكل فالأقران الذين خضعوا للتشكيل يباشرون الإغراء للتدجين. عالم خطير بكل المقاييس يحتاج منا إلى رفع درجة التوعية إلى الخط الأحمر. فشركات إنتاج اللباس والموسيقى الخليعة والمومسات (الرقيق الأبيض: للفساد والفجور والزنا) والماخورات والتفنن في تحبيب القمار كلها تتكامل في كارطيل ضخم هدفه ابتلاع الإنسان لتخرج روبوتات تذر لها الأرباح. تخرج الناس من آدميتهم لتصنع منهم بهائم. هذه القيم البائسة إذا أضيفت إليها ما تفعله شركات إنتاج الأغذية والأسلحة والأفلام والمتفننون بخلق الأزمات السياسية من أجل تشريد الناس وتقتيلهم تحتاج منا بناء تكتلات مناهظة تسعى إلى التوعية
     ـ  في هذا الإطار أقدم لكم أخواني هذا الكتاب:       

المهدَّدون - طفلك في عالم معادٍ

 
(أنقر فوق الصورة لتحميل الكتاب)


ـ المصدر الأصلي للكتاب: موقع المحراث (مع كامل المودة والتقدير)، حيث يمكنكم تحميل الكتاب بعدة لغات.

الفقير إلى عفو الله: نورالدين مشاط  

بصائر القرآن (2): ونسي خلقه


بصائر القرآن (2): ونسي خلقه..!
                                  ذ. نورالدين مشاط

قال الحق سبحانه: "وضرب لنا مثلا ونسي خلقه" (سورة يس)
أجل: نسي خلقه.. ببساطة لأن الحس تبلد ..
والغفلة أسدلت نسيجها على القلب .. وعلت الغشاوة البصر..
فأنى للمرء أن يتدبر!!
كيف ينسى الإنسان خلقه ..؟؟
كيف ينسى أن يستدير ببؤبؤ عينيه ليلقي نظرة على موطئ قدمه فيصعد متفحصا هذا الكيان العملاق..؟
كيف تستحيل روعة الإبداع والآيات المبهرة مشهدا ميتا لا يحرك الوجدان..؟؟
كيف ينسى مسار النطفة من ماء مهين..
وكيف تشكلت لتصبح إنسانا سويا مذهلا ..
إنسانا.."في أحسن تقويم" (سورة التين)
وعوض الشكر والاعتراف .. والتذلل والتزلف والانكسار لمن أبدع وأتقن فأذهل..
يقابل الإنسان جميل الصنع بالجدال:
"وكان الإنسان أكثر شيء جدلا" (سورة الكهف)
بل وأدهى من ذلك بالجحود والخصام:
"أو لم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين" (سورة يس)
من نطفة: من البساطة إلى كيان كامل كله نشاط
يفكر ويناقش ويجادل
 من نطفة حقيرة  إلى عرصات التكريم..
فإذا الخصام النتيجة..!
كم أولئك الذين ملأوا الدنيا صياحا: في المنتديات والصحف وعلى رؤوس الأشهاد.. يجاهرون المولى عز وجل العداء؟!
ماذا حوت عقولهم من معارف الكون الممتد؟ بل وماذا عرفوا عن أسرارهم أنفسهم؟ عن ذواتهم؟
ألا يستحي الإنسان؟؟ ألا يقف وقفات مع نفسه ليتدبر ويتأمل؟؟
وينزل من برج الكبر الزائف ليقف عند حقيقة الضعف المطلق.. والقصور الكامل..!
بحار ممتدة من ظلمات المجهول أمامنا.. كلما أبصرنا بصيصا من نور المعرفة في جانب من الجوانب إلا وتمدد ما وراءه اتساعا.. وكأننا بنا كلما فتحنا كوة للمعرفة، فتحنا محيطات من العوالم التي تنتظر منا الكشف عنها.. كشارب لماء مالح لا يزيده إلا عطشا!!
ويتمطط اللسان.. ويعلو العقل دخان نشوة الإنتصار.. ويكبر الكبر في الصدر فيغمض الإنسان عينيه..!
وينسى حجمه في الكون..
وضآلة معرفته..

وحتى خلقه..! 
ألا تقف يا صاح لتتملى..؟
ها هي ذي عينك .. بوابتك إلى العالم..
كم عدد كاميراتها؟ كم عدد خلاياها الموصلة للمعلومات؟ كيف تركز على مناظر وتعزل أخرى؟ كيف تحفظ نفسها من كمية الضوء النافذة إلى الجسم عبر البؤبؤ فتكيف حجمه؟ كيف تعمل الأجفان وتتحرك باستمرار وبطريقة آلية لتنظيف العين؟ كيف تُغذى العين بماء مالح يحفظ لزاجتها وينظفها؟
أسئلة عديدة.. لو تمليناها لوقف شعر الرأس
  إجلالا لمن وهب..!
فبالله وتا الله.. لو كان مصدر الضوء الذي نبصر به يخرج من عيوننا (مثلما هو شأن مصباح الجيب).. كم هي كمية الضوء والطاقة التي نحتاجها لإبصار الأماكن البعيدة؟
كيف سنتعامل فيما بيننا حينما نتقابل؟ هل سنضطر إلى قول: عفوا، قلص كمية الضوء فقد أعميتني.. على غرار ما نفعله عند التقاء سياراتنا ليلا..؟!
قف يا صاح عند السؤال: "ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين"؟ (سورة البلد)
وكَرِر: ألم يجعل لي عينين؟ تتكاملان وتغدقان علي لذة لا مثيل لها..
سحر ألوان وعمق امتدادات ثلاثية الأبعاد .. ونِعَمٌ لا حصر لها..
كميات هائلة من المعطيات نأخذها برمقة واحدة من العين..!
توقف أخي (أو أختي) ..  للحظة لتتأمل حال الأعمى البائس. ماذا سيستفيد من نزوله بأجمل الحدائق الفيحاء.. والمناظر الإستوائية الغناء.. والشطآن الذهبية وامتدادات المياه الزرقاء..؟؟
ماذا سيستفيد من زوجة حسناء أعجوبة في الجمال..؟؟
ماذا سيستفيد من موائد منمقة وفواكه مختلفة؟؟
ماذا سيستفيد من قصر مشيد.. زينه بأنفس الأثاث؟؟
لو عُرِض عليه.. أن يُؤخَذ ماله كله مقابل عين واحدة بها عمش..
هل سيفعل أم لا؟ ولو وقف أحد أبنائه حائلا بينه وبين ذاك، خوفا من الفاقة والفقر، ماذا سيكون الجواب؟
وتلكم جولة قصيرة في محطة ضخمة .. تحتاج أياما وأيام..
فكلمات الله لا تكفيها بحارا ممتدة من مداد .. وأشجار العالم أقلام..
" وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" (سورة لقمان)
فما بالك ببضعة أوراق..
خذ يا صاح لسانك.. سفينة قوتك إلى البلعوم
ووسيلتك لتذوق طعمه والتلذذ بطيبه أو ملحه ومره.. وتلمس حرارته أو برودته!!
وهو حائط حاجز للهواء يمرره حسب الحاجة فينتج، والشفتان الأصوات..
ألا نسمي، يا صاح، اللغة لسان؟!


"لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ" (سورة النحل)
فما أعجب خلق الإنسان:
هواء يعبر الجوف ليغذي الجسم غازا من الأوكسيجين..
يتحول عبر حواجز اللسان لغة تفاهم بين بني الإنسان
فيصل الأذن أمواجا تتراطم على طبلتها
فيستحيل معاني وبيانات..
أزح غشاوة القلب يا صاح.. فما أقساها!
وأمعن النظر فيما وراء الحجب
أزح الجلد عن جسمك لترى عجائب الصنعة.. كيف ستر فجمل..
وكيف ركب..وأتقن..
عضلات هنا وهناك .. تشد هذا بذاك..
وعظام تقيم اللحم..فيستوي الجسم قائما ممتدا..

ومفاصل..وأوتار..و..و..
دقة متناهية في الوضع.. وحكمة بالغة في اختيار المكان..
لماذا القفص الصدري يا من جحد نعمة المنان..؟!
أليس لحماية القلب والرئتين؟!
ولِماذا بسط يديك أصابع بدلا من قطعة لحم يا صاح؟
أليس لتستخدمها لعدة أغراض؟!
وحينما تتكسر العظام.. أو يمزق الجلد..
نضع الواحد ملتصقا بالآخر..فيحدث الإلتحام!!
فيشد العظم بعضه بعضا متمما ومكملا.. مصلحا الأعطاب..
فما الجبيرة غير تثبيت العظم قرب زميله لتبدأ عملية التلحيم الأوتوماتيكي عملها فتعم رحمة الله!!
وكذا عمل الجلد حينما نلصق بعضه ببعض..
ألا فاستمع يا صاح إلى الهزة الأتية من الأعماق
والمجلجلة عبر الأفاق:
"وفي أنفسكم أفلا تبصرون" (سورة الذاريات)
فتحملق وتحذق..
وتصرخ بأعلى صوتك:
لك الحمد يا صاحب العطاء
وتبكي لقوله:
"وقليل من عبادي الشكور" (سورة سبأ)
فتتمتم:
عفوا يا من أسبغ علينا النعم .. ظاهرة وباطنة:
".. وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير" (سورة لقمان).
لا تفي الكلمات بالحمد والثناء..
ولا سجدة تلو السجدة أن تبلغ المرام..
فأنت الأرحم والأجمل يا مولاي.