مرحبا بكم

خطاب رئيس الشبكة بمناسبة المنتدى السادس للأساتذة المجددين المغاربة 2010

السيدة كاتبة الدولة المكلفة بقطاع التعليم المدرسي
السيد المدير العام لشركة مايكروسوفت المغرب،
السيد الكاتب العام لقطاع التعليم المدرسي
السيد مدير المركز الوطني للتجديد التربوي والتجريب،
السيدة مديرة برنامج جيني
السادة مديرو الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين
السادة النواب
أيتها السيدات، أيها السادة،


يسعدني أن أتناول الكلمة باسم الأساتذة المجددين بمناسبة افتتاح منتداهم السادس. وإنها للحظة اعتزاز أن نرى ونلمس تطور فعلنا نحن الأساتذة المجددون من فعل أشخاص منفردين إلى فعل مؤسساتي منظم يساهم في إغناء تجربة هذا المنتدى الذي نفخر باحتضان وزارتنا له بشراكة مع شركة مايكروسوفت. لقد أتاحت مبادرة تنظيم المباراة الوطنية حول تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي أطلقتها كل من وزارة التربية الوطنية وشركة مايكروسوفت تحت شعار (شركاء في المعرفة) سنة 2005 الفرصة لانطلاق ورش ضخم للتجديد والارتقاء. ورش تعددت روافده لكن هدفه كان واحدا ألا وهو تغيير نمط الممارسة الصفية لتجعل من بيئة التعلم بيئة جذابة ولتجعل المتعلم منخرطا بكل طاقته في بناء كفاياته. وكان التركيز على المدرس بصفته ميسرا ومنشطا للفصل الدراسي.
كان الأساتذة المجددون، نواتج هذه المباراة، أنذاك يدركون أن الرهان عليهم كبير، ويعرفون بحق حجم المهمة، ورغم انخراطهم في العديد من تلك البرامج الروافد: برنامج جيني، برنامج ألف، وبرنامج سيتي وكذا أنشطة البرامج الدولية كاقتدار وأنشطة جمعيات المجتمع المدني كالشبكة المغربية للتربية والموارد، إلا أنهم ومع تزايد أعداد المجددين كان إحساسهم بأهمية تجميع الجهود ومأسسة العمل يتعمق أكثر فأكثر لتنبثق شبكة الأساتذة المجددين المغاربة أواخر سنة 2008 كباكورة لتلك الحركية. ولتنطلق برؤى وبرامج مافتئت تتعمق وتتمدد مع توالي السنوات وتراكم التجارب التي تتغذى على القوافل المتتابعة للمجددين والتي فاقت اليوم السبعين (باعتبار المجددين الفائزين) والألف وثلاثمائة باعتبار البرامج المشاركة.
وانطلاقا من خطوط فعلنا الأربعة المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والمتمثلة في التحسيس والتكوين والإنتاج والإدماج، نسعى إلى جعل المدرسة مدرسة للنجاح مفعمة بالحياة والعطاء، مدرسة غير مبتورة عن محيطها وإنما قاطرة لتنميته وينبوعا لأفكاره وقيمه الراقية. وتبعا لهذا سطرنا برامج عديدة تهدف إلى دعم جهود الإصلاح انطلاقا من رؤية تشخيصية لساحة الفعل التربوي مع رصد للاحتياجات ومكامن الخلل. هذه البرامج تتساوق وتصب في مشاريع محاور البرنامج الاستعجالي.
برامجنا أيتها السيدات أيها السادة تهدف إلى ما يلي:
أ‌) على صعيد التعلمات:

 رصد الممارسات الإبداعية في الفصول وعبر الويب ودراستها لنشرها بهدف خلق نماذج يحتذى بها.
 دعم التلاميذ المتعثرين والمتميزين على حد سواء ارتكازا على البيداغوجيا الفارقية باستخدام الفصول الافتراضية لبرامج الجيل الثاني من الويب.
 تقوية حضور الصورة والبرامج التفاعلية في الفصل.
 تكوين التلاميذ وحفزهم لاستعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصال انطلاقا من برنامجنا قافلة التلميذ المبدع، وبرنامج الشباب المطورون.

ب‌) على صعيد التواصل والتقاسم والتكوين:
 نسعى إلى تقوية التواصل بين المؤسسات التعليمية فيما بينها ومع محيطها وذلك من خلال تطوير مواقع لها ضمن برنامجنا سبيك الذي تمت بلورته بتعاون مع المركز الوطني للتجديد التربوي والتجريب.
 كما نسعى إلى دعم تكوين الأساتذة والتواصل معهم وفيما بينهم وتشجيع تقاسم المعلومة انطلاقا من شبكاتنا التواصلية ومنصة التكوين التي نعتزم إطلاقها مع شركائنا عما قريب باستعمال مسطحات التكوين عن بعد.

ج) على مستوى إنتاج الموارد الرقمية وإدماج ت.م.إ. في الممارسة الصفية:

 بلورنا رؤية ترتكز على الاكتفاء بإنتاج كائنات تعلمية صغيرة مما يمكن من إرسالها عبر الإنترنت وتحميلها واستثمارها بيسر.
 توليد أفكار حلول للمشاكل التي تعيشها المنظومة فيما يخص إدماج تكنولوجيا المعلومات والاتصال واستثمار البنيات التحتية.
إنتاج حقائب إلكترونية تخصصية.
 وأخيرا خلق مدارس مجددة.
كل هذه البرامج التي نشتغل عليها وكذا تلك التي نروم تحقيقها يرجع الفضل فيها إلى دعم شركائنا: وزارة التربية الوطنية وشركة مايكروسوفت وجامعة الأخوين والشبكة المغربية للتربية والموارد. وكلنا أمل في أن تتبلور هذه الشراكات أعمق فأعمق لتيسر أنشطة الشبكة على الصعيد الجهوي والوطني والدولي كما نأمل في انضمام شركاء آخرين لدعم هذا الجهد.
ومن أجل الرقي بالتجديد التربوي نوصي بما يلي:
ضرورة ربط التجديد في مجال تكنولوجيا الإعلام والاتصال بالبحث التربوي وبالمشاركة المكثفة للأساتذة المجددين.
 ضرورة استثمار أمثل وأعمق للأستاذ المجدد حتى يكون قاطرة للتغيير المنشود نحو مدارس النجاح. فالأستاذ المجدد يملك من الطاقات الإبداعية ما يؤهله لاقتراح تصورات وإنتاج سيناريوهات حلول للمعضلات الآنية والمستقبلية.

شكرا لكن أيتها المجددات، شكرا لكم أيها المجددون
وتحية تربوية تجديدية ملؤها الإبداع وأفقها النجاح
والسلام عليكم ورحمة الله.

نورالدين مشاط
رئيس شبكة الأساتذة المجددين المغاربة

إدماج تكنولوجيا المعلومات والإتصالات بالتعليم بالمغرب: نحو رؤية نقدية ـ1

إدماج تكنولوجيا المعلومات والإتصالات بالتعليم بالمغرب: نحو رؤية نقدية  ـ1  
 ذ. نورالدين مشاط

السياق العام:


         أحدثت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات نقلة مجتمعية حادة ـ بكل ما يعنيه هذا المصطلح من معنى ـ في عالمنا اليوم. فلقد اكتسحت كل مناحي الحياة ووسمت مجتمعاتنا بفضل الثلاثي المكون لها، تكنولوجيا الحاسوب ونظم الاتصالات وهندسة التحكم التلقائي، بالتغيرات السريعة في كل شيء حيث باتت هذه التكنولوجيا تتغذى على بعضها البعض لتراكم الاكتشافات والاختراعات ككرة ثلج متدحرجة. لقد غدا جل ما حولنا رقميا بامتياز، وأصبح الفضاء عبارة عن أرقام متطايرة هنا وهناك حاملة لبلايين المعلومات والمعطيات، حيث ربطت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الحواسيب بعضها ببعض بفضل شبكة الإنترنت لتيسر الحصول على المعلومة وتحررها لتصبح في متناول الكل، ولينتقل المجتمع كنتيجة إلى مجتمع للمعرفة. لقد كسرت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الحواجز بين الدول وألغت نظام التأشيرة على مرور المعلومات، فأصبح الفضاء الثقافي معولما وبدأت التغيرات المجتمعية بكل تأثيراتها، في الرقعة الواحدة أو عبر المعمور، تنتقل من مكان إلى مكان بسرعة البرق.
         لقد بات من غير المجدي الاستمرار في تربية لا تأخذ كل هذا في الحسبان، كما بات على مدرسة اليوم أن تطور من أساليبها وتجدد فيها لتساير العالم من حولها. فلا يعقل أن يكون عالم المتعلم خارج أسوارها عالما تكتسحه التكنولوجيا بكل إمكاناتها القوية (قوة الصورة والصوت والحركة والنفاذ إلى عوالم بأبعاد ثلاثية) في حين يخيم عليها جمود وتقليد حيث لا إثارة ولا تشويق (عالم الجدران الأربعة والسبورة السوداء والطبشورة والغبار)! إنها حالة انفصام فعلي بين واقع متطور، عالم النقرة والمجتمعات الافتراضية  والرقميات خارج أسوار المدارس، وبؤس داخلها.
         لقد فرضت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على كافة الدول، بما فيها المغرب، إعادة النظر في مناهجها التعليمية وتصورات منظوماتها التربوية بارتباط مع ما تريده من مواصفات التخرج لمتعلميها وشروط التنمية المجتمعية المتغيرة. لقد أضحى إدماج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعليم دعامة أساسية سواء على مستوى تيسير التعلمات أو على مستوى تنمية كفايات المتعلمين المنهجية والتكنولوجية لتقوية إمكاناتهم الذاتية للتعلم وقدرتهم على التكيف مع المتغيرات وإطلاق المبادرات لإحداث النهوض المجتمعي المنشود. واستنادا إلى هذه الرؤية، دعا الميثاق الوطني للتربية والتكوين ـ بصفته ميثاقا مجتمعيا للنهوض بقضايا التعليم ـ في دعامته العاشرة إلى إدماج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعليم، وهو ما بلورته الحكومة في برنامج طموح أطلق عليه برنامج "تعميم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المجال التربوي" (Genie)[1]
         انطلق برنامج (جيني) برؤية ترتكز على ثلاثة محاور رئيسية هي التجهيزات والتكوين وإنتاج الموارد الرقمية. انطلق بإرساء البنى التحتية المتمثلة في تجهيز المؤسسات التعليمية بقاعات متعددة الوسائط مرتبطة بشبكة الإنترنت من جهة، وبتأهيل الموارد البشرية ـ تحديدا المدرسات والمدرسين ـ عبر تكوينها في مجال استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصال باعتماد التكوين المضاعِف، من جهة أخرى. أما محور إنتاج المضامين الرقمية فظل مؤجلا إذا ما استثنينا الرهان على ما كان من الممكن أن يتمخض عن التكوينات التي تلقتها الموارد البشرية من اجتهادات في هذا الصدد أو ما أنتجه الأساتذة المجددون. كما انتهجت الوزارة سياسة تشجيع التميز والتجديد والإبداع فأطلقت العديد من المبادرات بشراكة مع متدخلين دوليين: برنامج المساعدة الأمريكي (USAID)، مايكروسوفت (Microsoft)، أنتل (Intel)، اليونسكو (UNESCO)، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي  (UNDP)، والوكالة الكورية للتنمية الدولية (Koika).
         لكن أثر برنامج (جيني) كان ضعيفا، إذ أن أغلب القاعات ظلت مغلقة، كما سطرت ذلك دراسة تقييمية للبرنامج قامت بها الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات[2] (ANRT) سنة 2008. وقد عزت الدراسة ذلك لعدة أسباب منها شدة المقاومة للتغيير كنتيجة لضعف التحسيس والتواصل وقلة الموارد الرقمية بالإضافة إلى مشاكل لوجيستيكية وتأطيرية[3]، وهو ما استدعى إعادة النظر في الإستراتيجية برمتها بإدماج باقي الفاعلين التربويين (المديرون والمفتشون) في الاستفادة من المصوغات الجديدة للتكوين أملا في تسريع وتيرة الإدماج، وباتخاذ إجراءات جديدة على صعيد البنية التحتية والتكوينات في إطار مشاريع البرنامج الاستعجالي.
         وبموازاة مع تلك الإصلاحات، أطلق المغرب "مشروع المغرب الرقمي 2013"، وطور مناطق الأوفشورينغ[4] (offshoring ) ـ "الرباط تكنوبوليس"، "الدارالبيضاء نيرشور"[5]  و"فاس شور" ـ بغية مواكبة متطلبات سوق الشغل وما نجم عن الطفرة التكنولوجية من مهن جديدة كبدائل حديثة لما كان سائدا، وليقوي البنية التحتية لمجتمع المعرفة، كما دعم الإقبال على شبكة الإنترنت انطلاقا من سلسلة إجراءات ابتدأت بنشر ثقافة مقاهي الإنترنت لتصل إلى تيسير ولوج الحاسوب والإنترنت إلى أغلب المنازل بفضل برنامجي "نافذة" و"إنجاز".
         ورغم كل ما سبق، بقي حلم المتعلمين بمدرسة مفعمة بالحياة حلما مؤجلا. فتفعيل الأدوار الجديدة للمدرسة ـ بما يتطلبه هذا التغيير من عادات جديدة ومجهودات مضاعفة ـ في ظل بيئة تعليمية محافظة ليس بالأمر السهل، بل قد يصطدم بمقاومة شرسة للتغيير من طرف العديد من المدرسين والإداريين الذين لم يقتنعوا بعد بأهميته لسبب أو لآخر.  وإيمانا منا بأهمية إدماج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعليم وأدوارها الطلائعية في النهوض المجتمعي بالإضافة إلى انخراطنا في العديد من الأنشطة والتكوينات المتعلقة بتوظيف تكنولوجيا المعلومات والاتصالات جعلنا معنيين بشكل أو بآخر بالنبش في مكامن الخلل لاستجلاء أسبابها وتقديم حلول وتوصيات بشأنها.

ذ. نورالدين مشاط، 2011، 
جزء من مقدمة بحث طويل حول واقع التكنولوجيات التربوية بالمغرب: دور الموارد الرقمية والسيناريو البيداغوجي.




[1]- GENiE: GENéralisation des tIc dans lEducation
[2]  ـ المصوغة الثانية لتكوينات جيني الخاصة بالمدرسين، تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتطوير الأداء المهني، الورشة الثانية: تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والولوج إلى المعلومة، ص.21
[3]- http://revue.sesamath.net/spip.php?article233 (Date de visite: 31 decembre 2010)
[4]- http://www.technopolis.ma ; http://www.casanearshore.com (Date de visite: 29 decembre 2010)