مرحبا بكم

مفاتيح رحلة السعادة 2



2 ـ عش مع الرسول (ص) وصحابته لك نبراسا

         في حياة رسول الله (ص) نبراس لمن أراد عيش السعداء. قال تعالى: "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر" (الأحزاب) لقد عرف الدنيا على حقيقتها فما اغتر بها، ولا وجدت إلى قلبه سبيلا. أحب الله وأحب عباد الله فكان ديدنه أن يخدمهم فينقل النور حيث ما حل وارتحل وينشر الرحمة في بقاع افتقرت إليها وقلوب من فرط القسوة سارت صحارى جرداء لا كلأ بها. كان يغتم ويحزن لرؤية متنكبي الصراط حتى عاتبه ربه قائلا: "فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يومنوا بهذا الحديث أسفا "(الكهف)، لكنه القلب الكبير يأبى إلا أن يرى الناس كلهم أسعد ما يكونون. يسجد يوم القيامة فيطيل السجود ويخضب وجنتيه دمعا متذللا بين يدي رب كريم وهو يقول: "أمتي .. أمتي..". فهو لا يرضى أن يدخل فرد من أمته النار.
         أرأيت رحمة أكبر من تلك؟ رحمة تطال البشر والحيوان والنبات .. ينزعج لعصفورة أخذ بعض الصحابة منها فلذات كبدها ويأمرهم بإعادتهم لها .. ويحن إليه جذع شجرة لما فارقه إلى المنبر فيئن فيحنو عليه رسول الله (ص). كان قياديا في كل خلق حميد. فهو جواد يعطي دون خوف من الفاقة .. وهو صادق وأمين تعترف بصدقه وأمانته الأعداء من أمته حتى ليقول رب العالمين: "فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون"(الأتعام).. قصصه في كل خلق لا حصر لها  بلسم للمكلوم يداوي بها جراح قلبه وضيق صدره، وهي مبثوثة في الكتب هنا وهناك: "دراسة في السيرة" لعماد الدين خليل، "الرحيق المختوم" للمباركفوري، "فقه السيرة" للبوطي والقائمة طويلة، كما يمكن قراءتها على موقع نصرة رسول الله (ص).
         وحياة صحابته رضوان الله عليهم انعكاس لأخلاقه، فقد تربوا في مدرسته..مدرسة القرآن ..مدرسة قيام الليل حيث النفحات الربانية. كان كل واحد منهم قدوة يشدك إليه بعلو كعبه في العطاء. فهم نجوم بأيهم اقتديت اهتديت..! ولمن أراد السير على الطريق القويم .. الطريق الشاق الحلو .. طريق البناء والتضحية .. فليأخذ من قصصهم زادا للتغلب على وحشة المسير.. ويمكن متابعة فصول منها في كتب: "رجال حول الرسول" لخاد محمد خالد و"حياة الصحابة" للكاندهلوي. لقد قطعوا الفيافي والوديان والشعاب .. ما أثناهم حر الهواجر ولا ضمأ الصحارى .. وما شدتهم إليها ظلال ولا نساء .. كانت رسالتهم "الحرية" و"السعادة في الدارين" ولقد تركها ربعي بن عامر رسالة لمن بعده واضحة الكلمات مختزلة للأهداف حينما خاطب رستم قائلا: "إن الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام".
         أفلا خرجت أخي من ضيق الدنيا إلى جنان وارفة أعدها الله لك هنا وهناك. فاغرس أشجارها وأزهارها في قلبك، واسقها من شرايين الإيمان وحب الخير لينطلق أريجها فواحا في كل مكان. ألم يقل شيخ الإسلام بن تيمية: "ما يفعل أعدائي بي أنا جنتي في صدري أنا سجني خلوة وقتلي شهادة وإخراجي من بلدي سياحة"

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire